ليبيا
خبير اقتصادي: منتهية الولاية استخدمت المال بنوع من “الشعبوية”
قال الخبير الاقتصادي الليبيّ، سليمان الشحومي، إنّ الوضع الاقتصادي في ليبيا يشهد حالةً من عدم الاستقرار منذ 2011 بسبب ارتباطه باستقرار صادرات النفط في البلاد التي تشهد اضطرابات ناجمة عن الانقسام السياسي، بالإضافة إلى أنّ الاقتصاد الليبي اقتصاد ريعي لا يعتمد إلا على النفط.
وأضاف الشحومي، الذي يُعَدّ مؤسس سوق الأوراق المالية في ليبيا، في مقابلة مع وكالة “سبوتنيك”، أنّ “الصراع في ليبيا، هو صراع اقتصادي، على الموارد”، مؤكّدًا أنه “يشتد بشكل كبير بين الأطراف في المشهد الليبي، بحجة العدالة، وإدارة الإيرادات بشكل عادل”، وأنّه “لا يمكن إيجاد ألية للتوزيع العادل لعائدات النفط في ليبيا، من دون وجود دولة قوية، ومستقلة قادرة على أن تقيم القواعد الاقتصادية بشكل طبيعي”.
واعتبر الشحومي أن “وجود قرار من مجلس الأمن الدولي، بشأن الأموال الليبية، كان جيدا، لوجودها ولكي لا يتم العبث بها”، مضيفا أنه “من الواجب أن تكون هناك حكومة مستقرة في ليبيا، حتى تتمكن من العمل على هذا الملف بشكل جيد، وأن يوظف لخدمة الليبيين ومستقبلهم، كونها أحد البدائل المحدودة في المستقبل”.
وحول تبادل الاتهامات بالفساد بين المسؤولين الليبيين، قال الشحومي: “الفساد في الحقيقة، يأتي بالدرجة الأولى في ظل سوء استخدام السلطة، وما يترتب عليه من سوء استخدام المال العام، مما يجعل الفساد في استخدام المال العام وسرقته نتيجة وليس سببا، كونه حاصلا بسبب الانهيار الإداري والتنظيمي والسياسي، الذي تعيشه ليبيا” بحسب تعبيره، مردفًا أن “أطراف الصراع هم الأكثر تحقيقا للاستفادة المالية، هم والتابعون لهم”.
وحول كيفية معالجة الوضع الاقتصادي في ليبيا والمشاكل المترتبة عليه، قال الشحومي إن “المعالجة تبدأ من الأساس، بإعادة ترميم البلاد، وإعادة إطلاق الدولة الليبية المنظمة والقائمة على القانون والدستور”، مشيراً إلى أن “هذه المسألة تعتبر أساسية، وأنه من غير الممكن تجاهلها والتحرك باتجاه أشياء فرعية”.
وأكد الخبير الليبيّ أنّ ما يتم طرحه من حلول وصفها بـ “التلفيقية” كرفع للدعم عن السلع هي “معالجات شكلية” للوضع الاقتصادي، ولا يمكن أن تصل بالبلاد إلى القضاء على الفساد،خاصة أن ليبيا تتربع على درجات عالية جداً في سلم الفساد”، مرجعا أن “السبب في ذلك إلى عدم وجود إدارة فعالة، إلى جانب هشاشة الأنظمة المالية والإدارية بدرجة كبيرة، من حيث التعاقد وإدارة المال العام ومراقبته وإنفاقه.
وأشار الشحومي إلى أن “اقتصاد منطقة الشمال الإفريقيّ، سيكون في وضع خطير للغاية، وذلك على خلفية الوضع الاقتصادي العالمي والتخوف من وجود كساد عالمي جديد، خاصة أن اقتصاديات هذه الدول، تعاني من زيادة في نسب البطالة بالنظر إلى عدد السكان الكبير نسبيا، مقارنة بليبيا”، منوّهًا إلى “أن دول الجوار لليبيا التي تعاني من أوضاع اقتصادية صعبة كمصر وتونس والجزائر، تنظر لليبيا باعتبارها تمثل حلا لتقليل نسب البطالة بين أبنائها، علاوة على كونها ساحة للاستثمار” على حدّ تعبيره.
وبشأن تدابير السلطات الليبية لمواجهة التحديات الاقتصادية والكساد العالمي المتوقع، أكد الشحومي أن “الحكومة الليبية لا تملك خطط لا طويلة ولا حتى قصيرة المدى لمواجهة أية تحديات اقتصادية”، معتبرًا أن ما يجري في ليبيا لا يعدو كونه محاولة للتعاطي مع الأمور يوما بيوم، في ظل غياب أي استراتيجية على مستوى الاقتصاد الكلي أو على مستوى السياسات الرئيسية في الاقتصاد وعلى رأسها السياسة النقدية التي يقودها البنك المركزي.
وفيما يخصّ انعكاس رفع سعر الفائدة في الولايات المتحدة ودول أخرى لمواجهة التضخم على الاقتصاد الليبي، قال الشحومي إن “نسبة الفائدة أداة مهمة جدا في أي اقتصاد بالعالم، لإحداث تغييرات كونه يهدف لإيجاد حل للتضخم، والكساد، والبطالة”، موضحا أنه “في ليبيا تم إلغاء هذا العامل الهام، في العام 2012 من خلال إجراء عاطفي من خلال الاعتماد بالكامل على نظام الصرافة الإسلامية بدون وجود فهم أو خبرة أو تجربة كافية للتعاطي مع هذا النظام في ليبيا”، وأردف: “كان من الأجدى أن يتم التعامل بالنظامين “الفائدة، والصيرفة الإسلامية”، خاصة وأن كثيراً من الدول تعمل بالنظامين، كالسعودية ومصر والإمارات، خاصة وأن معدل الفائدة عامل مهم في اختصاص السيولة النقدية، ومساعدة المواطنين على ادخار أموالهم بطرق أكثر أمانا وثقة”.
وفيما يخص المحافظ الاستثمارية في ليبيا وما تشهده من أزمة إدارية، قال الشحومي “هناك صراع كبير على الأرصدة الليبية بالخارج، ويتضح ذلك من خلال كم القضايا المقامة أمام القضاء الاعتيادي ومحاكم المنازعات التجارية في باريس، ولندن، ما يعكس أنه هناك عملا على اقتناص فرصة للحصول على هذه الأموال أو حتى جزء منها، على خلفية العقود المبرمة مع ليبيا، قبل العام 2011”.