ليبيامميز

الكونغرس الأميركي: 4 عوامل رئيسية تطيل أمد أزمة ليبيا

الوطن| رصد

رصد تقرير لدائرة أبحاث الكونغرس الأميركي 4 عوامل رئيسية تطيل أمد عدم الاستقرار في ليبيا، تتمثل في تأجيل الانتخابات التي كانت مقررة في نهاية عام 2021، واستمرار افتقار الليبيين إلى توافق في الآراء بشأن الترتيبات الدستورية والقانونية، والهشاشة المحتملة لوقف إطلاق النار المدعوم من الأمم المتحدة، وعودة ظهور التنافس المؤسسي.

ودائرة الأبحاث هذه تضم موظفين غير حزبيين مشتركين في لجان وأعضاء الكونجرس، تعمل فقط بأمر من الكونغرس وتحت إشرافه، وتوفر تقارير لفهم السياق العام أمام أعضاء الكونجرس، ولا تعتبر تقاريرها صادرة عن حكومة الولايات المتحدة.

بدأ التقرير بسرد خلفية الأزمة في ليبيا، بعد مرور اثني عشر عامًا على ثورة فبراير 2011، معتبرًا أن ليبيا لم تنتقل بعد إلى ترتيبات حكم مستقرة، حيث أنتجت الانتخابات والدبلوماسية سلسلة من الحكومات المؤقتة، لكن التقرير يعتبر أن المجموعات المسلحة والقادة المحليين والائتلافات دون الوطنية المدعومة من قبل رعاة أجانب متنافسين ظلوا أقوى حكّام للشؤون العامة.

يتحدث تقرير الكونغرس عن سعي الإدارات الأميركية المتعاقبة إلى منع ليبيا من العمل كبيئة سهلة للجماعات الإرهابية العابرة للحدود، واتخذت مقاربات مختلفة للصراع والمنافسة بين الليبيين، وصولاً إلى دعم إدارة بايدن إجراء انتخابات جديدة في ليبيا، من خلال استخدام نفوذ الولايات المتحدة لتعزيز جهود الوساطة التي تقودها الأمم المتحدة لتحقيق هذه الغاية، لافتا إلى أن الكونجرس خصص الأموال لتمكين الدبلوماسية الأميركية وبرامج المساعدة، ودعا بعض الأعضاء إلى مشاركة أميركية أكثر حزمًا.

الحرب ووقف إطلاق النار والانتخابات المؤجلة

وأشار إلى المواجهات العسكرية التي اندلعت في ليبيا في أبريل 2019، عندما حاولت قوات المشير خليفة حفتر السيطرة على العاصمة طرابلس، من حكومة الوفاق الوطني المعترف بها دوليًا، متحدثًا عن موقف روسيا والإمارات ومصر الداعم آنذاك لحفتر، مقابل الدعم العسكري التركي لحكومة الوفاق.

يقول التقرير إن ليبيا ظلت منقسمة منذ ذلك الحين، مع استمرار وجود القوات الأجنبية، وفصل الطرفين المتعارضين بخط سيطرة غرب سرت، قبل أن يأتي عام 2020 حاملاً المبادرات الدبلوماسية متعددة الأطراف لفرض وقف إطلاق النار، ونشر الأمم المتحدة مراقبين مدنيين بناءً على طلب الليبيين، ثم تشكيل حكومة الوحدة الوطنية بهدف تهيئة البلاد لإجراء انتخابات بنهاية العام 2021، لكن الخلافات حول معايير الترشح أدت إلى تأجيلها لأجل غير مسمى، مع سعي مسؤولي الأمم المتحدة والولايات المتحدة إلى الحفاظ على الزخم نحو الانتخابات وسط مقترحات ومبادرات ليبية.

وفي سياق سرده الأحداث الهامة التي شهدتها ليبيا، يصل التقرير إلى اختيار مجلس النواب حكومة جديدة برئاسة فتحي باشاغا، في العام 2022، وهو ما قاد إلى تأزيم المشهد، حتى مبادرة الأمم المتحدة نهاية الشهر المضاي، بشأن التخطيط لتنظيم الانتخابات.

تزايد التنافس بين الأطراف الليبية

يشير التقرير إلى أن تأجيل الانتخابات، أدى إلى اشتداد التافس والصراعات، حيث «لا يزال لحفتر والمجموعات المسلحة في غرب البلاد أهداف ونفوذ سياسي متنوع»، بالإضافة إلى إعلان مجلس النواب سحب الثقة من حكومة الدبيبة، الذي رفض التسليم لأي أحد سوى حكومة منتخبة على الصعيد الوطني، لافتا إلى أن باشاغا قام بمحاولات متعددة للدخول وتأكيد السلطة في طرابلس، لكنه واجه مقاومة من الدبيبة والمجموعات المسلحة المحلية، مما أدى إلى بعض المواجهات وهزيمة حلفاء الباشاغا، الذي يواصل وحكومته المعينة من مجلس النواب العمل في شرق ليبيا.

ينتقل تقرير دائرة أبحاث الكونغرس للحديث عن عامل آخر لا يقل أهمية عن النقااط السابقة، يتمثل في إيرادات النفط، والتي تجعل المؤسسة الوطنية للنفط، والمصرف المركزي، وعمليات الميزانية والعمليات المالية موضع منافسة شديدة، حيث يسعى المتنافسون إلى الوصول إلى عائدات تصدير النفط لدفع الرواتب، وتقديم الإعانات، والحصول على دعم سياسي وأمني.

ويلفت الانتباه إلى أن ليبيا تمتلك أكبر احتياطيات نفط خام مؤكدة في أفريقيا، لكن الصراع والتنافس السياسي والبنية التحتية المهملة تعرقل عمليات قطاع الطاقة وتحد من إمكاناته، منوهًا إلى أن عائدات النفط تؤول إلى حساب مؤسسة النفط الوطنية ليتم تحويلها إلى البنك المركزي لدعم الإنفاق الحكومي.

يصل التقرير إلى مرحلة قدوم المبعوث الأممي عبدالله باتيلي في سبتمبر 2022، حيث تشاور مع الأحزاب الليبية، والأطراف الأجنبية، منذ ذلك الحين للتوصل إلى إجماع على أساس دستوري للانتخابات المخطط لها. وفي فبراير 2023، أعلن باتيلي أنه سيؤسس لجنة توجيهية رفيعة المستوى لتنظيم وإجراء الانتخابات التشريعية والرئاسية في عام 2023 على أساس دستوري متفق عليه، قائلاً: «فقدت معظم المؤسسات شرعيتها منذ سنوات».

سياسة الولايات المتحدة تجاه ليبيا

يوضح التقرير أن المسؤولون الأميركيون دعموا قيادة الأمم المتحدة لمبادرات إجراء انتخابات جديدة، لتوفير أساس لإعادة توحيد المؤسسات الليبية ووضع حد للترتيبات المؤقتة المتسلسلة، وشددوا على أهمية الحفاظ على وقف إطلاق النار وحياد المؤسسات مثل المؤسسة الوطنية للنفط، وسعوا إلى «تجنب الاتهامات بالتدخل غير المشروع من خلال عدم الإصرار على نتائج محددة».

وقال إن المسؤولون الأميركيون يشجعون الحوار بين الليبيين، وذكروا أن الانتخابات ضرورية لحل الخلافات حول الشرعية، ولا يزالوا يواصلوا «موازنة المخاوف المتعلقة بليبيا مع الأهداف الأميركية الأخرى فيما يتعلق بروسيا ومصر وتركيا وفرنسا وإيطاليا والإمارات العربية المتحدة»، بحسب التقرير.

وأشار إلى قيادة المبعوث الأميركي الخاص إلى ليبيا السفير ريتشارد نورلاند الدبلوماسية الأميركية منذ عام 2019، ويعمل المسؤولون الأميركيون من سفارة الولايات المتحدة في تونس، حيث يواصل الفرع التنفيذي تقييم متطلبات إعادة تأسيس وجود دبلوماسي أميركي دائم في ليبيا.

الإرهاب والقوى العسكرية الأجنبية

وتصف تقارير الأمم المتحدة والولايات المتحدة التهديدات الإرهابية العابرة للحدود في ليبيا بأنها مخفضة ومحتواة، حيث سعت الإدارات الأميركية المتعاقبة إلى تشجيع مغادرة القوات العسكرية الأجنبية والمرتزقة من ليبيا، فق ما يقول التقرير الذي أشار إلى قام الجيش الأميركي برصد والإبلاغ عن أنشطة المرتزقة والمعدات العسكرية الروسية في ليبيا.

وينقل روايات صحفية تشير إلى أن بعض «المرتزقة الروس» ربما غادروا ليبيا لدعم العمليات في أوكرانيا، على الرغم من أن ليبيا لا تزال، بحسب ما ورد، مركزًا لوجستيًا لعملياتهم في أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى. أما عن إسقاط القوات في شرق ليبيا طائرة أميركية بدون طيار في أغسطس 2022، يقول التقرير إن التحقيق الأميركي لا يزال مستمرًا.

ويتحدث التقرير عن الوجود التركي بأن المستشارين العسكريين الأتراك يقومون بتدريب ومساعدة قوات غرب ليبيا وفقًا للاتفاقية الأمنية التركية وحكومة الوفاق الوطني لعام 2019، حيث أفادت تقارير يأن قوات القيادة العامة وخصومها «استخدموا مقاتلين من سوريا وتشاد والسودان».

العقوبات وهيئات الأمم المتحدة

ويقول إن مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة سمح بفرض عقوبات مالية وعقوبات سفر على الكيانات التي تهدد السلام في ليبيا، أو تقوض الانتقال السياسي، أو تدعم من يفعلون ذلك، حيث تنص الأوامر التنفيذية الأميركية على عقوبات مماثلة.

الاحتياجات الإنسانية والهجرة

وبالنسبة لملف الهجرة، يذكر تقرير الكونغرس أن الأمم المتحدة تقدر حاجة 800 ألف شخص في ليبيا (من أصل 7 ملايين) إلى شكل من أشكال المساعدة الإنسانية، حيث حددت وكالات الأمم المتحدة ما يقرب من 680 ألف مهاجر أجنبي، وأكثر من 134 ألف نازح داخلي، وأكثر من 44700 لاجئ في ليبيا، متابعًا: «لا يزال المهاجرون عرضة بشكل خاص للابتزاز وغيره من الانتهاكات»، مستشهدًا بأن «وزارة الخارجية (الأميركية) أفادت في عام 2022 أن الفساد المستشري وتأثير الميليشيات على الوزارات الحكومية ساهم في عدم قدرة حكومة الوحدة الوطنية على التصدي بفعالية للاتجار بالبشر».

المساعدات الأميركية لليبيا

أما بخصوص المساعدات، يشير التقرير إلى أن الكونغرس خصص تمويلًا مشروطًا لدعم الانتقال، والاستقرار، والمساعدة الأمنية، والبرامج الإنسانية لليبيا منذ عام 2011. وسعت إدارة بايدن للحصول على 44.5 مليون دولار في تمويل السنة المالية 2023 لبرامج مساعدات ليبيا، وفي عام 2022 عينت ليبيا كدولة ذات أولوية لأغراض قانون الهشاشة العالمية ، الذي كان من شأنه أن يسمح بمساعدة الولايات المتحدة في المستقبل، وسن عقوبات أمريكية في القانون، ووضع متطلبات جديدة لإعداد التقارير.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى