ديوان المحاسبة يكشف عن مخالفات المنتهية في اختيار البعثات الدبلوماسية
الوطن|رصد
أصدر ديوان المحاسبة، اليوم الثلاثاء، خطابًا موجّهًا لوزارة الخارجية والتعاون الدولي في الحكومة منتهية الولاية، جاءت فيه النتائج الرقابية والتوصيات الخاصة بتقييم مدى كفاءة وفاعلية معايير وآليات إنشاء الساحات واختيار البعثات الدبلوماسية في الخارج.
وجاء في خطاب الديوان للوزارة اتّهامات بمخالفة التشريعات النافذة فيما يتعلق بالتعيين الاستثنائي في السلك الدبلوماسي والقنصلي، حيث أشار الديوان إلى أن التعيين يجري “تحت مسميات مستحدثة غير منظمة خاصة فميا يتعلق بالموظفين الدبلوماسيين من خارج قطاع الخارجية”،وإن عدد السفارات والبعثات الدبلوماسية النشطة في الخارج بلغ 133 سفارة أو بعثة في الوقت الذي بلغ فيه عدد البعثات الدبلوماسية للدول الأجنبية في ليبيا 59 سفارة أو بعثة.
كذلك أشار الديوان إلى غياب الدراسات المقاربة لإمكانية إعداد ملاك وظيفي حقيقي يوائم أهداف التمثيل الدبلوماسي في الخارج، حيث لوحظ وجود “تعيينات عشوائية وتجاوز ظاهر في التكليفات” التي صدرت عن المجلس الرئاسي ووزارة الخارجية، وتجاهل ممارسة التمثيل الدبلوماسي المتعدد من خلال سفير غير مقيم أو مكتب إقليمي، وذلك في إطار ترشيد المصروفات، بحسب الديوان.
وقدم الديوان ملاحظة حول تجاهل المتابعة الدورية لمخرجات عمل مكتب التفتيش والوقابة بوزارة الخارجية، وعدم الأخذ بملاحظاته التي من أهمها تقليص عدد البعثات الدبلوماسية والموظيفين الدبلوماسيين بالخارج، فضلا عن افتقار إدارة شؤون الهجرة والمغتربين بوزارة الخارجية للإحصاءات الدقيقة لأعداد المواطنين الليبيين المتواجدين في الخارج، بما يسهل الوصول إليهم والوقوف على مشاكلهم ومساعدتهم على حلها، وتقديم الخدمات اللازمة، لهم في الوقت المناسب.
ونوه ديوان المحاسبة إلى افتقار الوزارة لقواعد البيانات الخاصة بالساحات والبعثات الليبية في الخارج، لا سيما فيما يتعلق بعدد موظفي كل بعثة، ونوع التعاون بين ليبيا وتلك الدولة وطبيعة العلاقات الثنائىة بين البلدين، وغياب الدراسات والأبحاث حول أفضل المجالات التعاونية علميا وتجاريا وتوظيفها في مصلحة الدولة لتحريك عجلة التنمية في الداخل، إضافة إلى عدم الالتزام بالمعايير والضوابط في عملية اختيار المراقبين الماليين الموفدين للعمل في الخارج بالمخالفة لأهم قيد وهو العمل في وزارة المالية مدة لا تقل عن 10 سنوات، حيث لاحظ الديوان إيفاد مراقبين ماليين للعمل في الخارج سنة 2020 رغم أن قرار تعيينهم بالوحدات الإدارية قد جرى في سنوات 2018-2019-2020-2021.
وقال الديوان إن هناك “انعدامًا في التنسيق مع الجهات في اختيار الملاحق ورؤساء المكابت في الخارج (الصحية ــ الأكاديمية ــ العسكرية ـ العمالية.. إلخ) وفق الضوابط والأسس والمعايير التي يُجرى على أساسها الاختيار، ما انعكس سلبًا على أداء تمثيل الدولة في الخارج.
وأضاف الديوان أنّ هناك “تضخمًا ملحوظًا في أعداد العمالة المحلية في عديد البعثات وغياب التنسيق والتنظيم الإداري لها” حيث “تبين أن أغلبهم من جنسيات غير ليبية، علاوة على أن إبرام عقود الاستخدام لهم يُجرى خارج ولاية القضاء الليبي المختص باعتبار أن السفارة هي أرض ليبية، فضلًا عن توليهم لوظائف مالية وإدارية أساسية”.
ومن الملاحظات الأخرى غياب التنسيق في متابعة القضايا والزج بالسفارات الليبية في قضايا خاصة، بالمواطنين وجهات ومؤسسات ليبية أخرى وتسلم الإعلانات القضائية خلافًا للقانون وصولًا أحيانًا إلى الحجز على حسابات السفارة من قبل الدولة المضيفة بالمخالفة لمبادئ اتفاقية فيينا بشأن الحصانات الدبلوماسية، فضلًا عن عدم اهتمام وزارة الخارجية بالمعهد الدبلوماسي المعني برفع قدرات موظيفي الوزارة بشكل عام والموفدين للعمل الدبلوماسي في الخارج بشكل خاص.
وفيما يتعلق بتوصيات ديوان المحاسبة للنهوض بالعمل الدبلوماسي، فقد أوصى الديوان وزارة الخارجية بضرورة الالتزام بمعايير الكفاءة والجدارة عند اختيار الموظفين المستهدفين بالإيفاد للعمل في الخارج، وعدم التوسع في التمثيل الدبلوماسي في الخارج، والالتزام بالملاكات المعتمدة عند الإيفاد، مع إعادة النظر في القرارات المتعلقة بالملاك الوظيفي للبعثات الليبية في الخارج، لتجنب التكرار في تسمية بعض الوطائف التي لا تحمل إلا وصفًا وظيفيًا واحدًا مثل: ملحق إداري أول، وملحق إداري ثانٍ.
ومن التوصيات الأخرى: قصر الإيفاد للعمل بالسلك الدبلوماسي في الخارج على موظفي قطاع الخارجية بشكل أساسي، بحيث لا تقل نسبة تمثيلهم فيه عن الثلثين وفقًا للأعراف الدولية وطبقًا لاتفاقية فيينا، والعمل على تصحيح الأوضاع المخالفة ذلك.
وحث الديوان إدارات الوزارة على إجراء تقييم موضعي شامل لمعالجة التضخم المرصود في حجم وعدد أفراد البعثات الدبلوماسية الدائمة، والتقليص في عدد الساحات، بحيث يكون هناك توازن كمي ونوعي بين حجم التمثيل والنشاط الفعلي للبعثة بهذه الساحات ومعالجة التكرار والازدواج في التمثيل الدبلوماسي في بعض الساحات لنفس الغرض.
كما شملت توصيات الديوان العمل على تفعيل مشروع التحول الرقمي بين الوزاة والبعثات الدبلوماسية للاستفادة من التطور التكنولوجي في تعظيم قيمة العمل الدبلوماسي والقنصلي من ناحية تسهيل عملية تقديم الخدمات المتصلة بالتنقل والسفر للمحتاجين لها، والتحديث المتواصل لقواعد البيانات في كل الجوانب السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وتقوية التفاعل الرسمي والشعبي عبر منصات التواصل الاجتماعي لمساندة الحكومة في مواقفها الرسمية، وتوسيع نطاق المصالح الوطنية بجهد جماعي وتنسيق متكامل.
ومن التوصيات الأخرى أيضًا: تركيز العمل الدبلوماسي بدوائر خارجية معينة تتولى الوزارة تحديدها حسب ما تراه مناسبًا في هذه المرحلة التي تمر بها البلاد، خاصة الدول المسؤولة عن إدارة الاقتصاد العالمي. والتنسيق مع وزارات المالية والصحة والتعليم العالي بالتقيد بالمعايير والأسس المتعلقة باختيار المراقبين المالييين ومساعديهم ورؤساء المكاتب والملاحق بالخارج، والعمل على إيقاف كل من لا تنطيق عليه الشروط والضوابط المنصوص عليها.
وبخصوص تنظيم العمل السياسي والقنصلي، أوصى الديوان وزارة الخارجية بإعداد وتقديم مذكرة للجهة التشريعية تتضمن تعديل نص المادة الثالثة من القانون رقم «2» لسنة 2011 بشأن تنظيم العمل السياسي والقنصلي الخاصة بتسمية البعثات الدبلوماسية على النحو الوارد في القانون الدولي، لتوحيد المسمى الرسمي للبعثات الدبلوماسية الدائمة، إضافة إلى إصدار لائحة خاصة بالوظائف الدبلوماسية تتضمن المعايير والضوابط التي يتعين على الوزارة الالتزام بها عند اختيار من يشغل وظيفة السفير ومن في حكمه أو ملحق فني وكذلك سائر موظفي السلك الدبلوماسي النشط في الخارج.
وأخيرًا أوصى الديوان بالاهتمام بالمعهد الدبلوماسية وخاصة الجوانب المتعلقة بتدريب الدبلوماسيين، والعمل على إصدار لائحة خاصة لتنظيم عمل المعهد، ودعمه للنهوض به، وذلك عن طريق إعادة هيكلته وفق برامج تطوير حقيقي لتحقيق أثر ايجابي ملموس وقيمة مضافة في مخرجاته بما ينعكس على كفاءة ومهارة الموظيفين الدبلوماسيين الموفدين للعمل في الخارج.