مشهد مأساوي وليلة سوداء… رواية يكتبها الدبيبة وتخرجها الميليشيات
الوطن| رصد
وثّق شهود عيان حالة مأساوية شهدتها العاصمة الليبية طرابلس ليلة الخميس الماضي، على إثر اندلاع اشتباكات دامية بين الميليشيات التابعة للحكومة منتهية الولاية برئاسة عبد الحميد الدبيبة.
وخلّفت الاشتباكات التي وقعت بين ميليشيا الردع وميليشيا الحرس الرئاسي بقيادة أيوب أبو راس، 16 قتيلا و52 مصابا، إضافة لخسائر جسيمة في المنازل والطرقات والأسواق، بعد أن دارت لمدّة يومين، واستُعمِلت فيها الأسلحة الثقيلة والمتوسطة، الأمر الذي أثار حالة من الفزع المتواصل بين قاطني الأحياء السكنية، والمارّة، والمتنزهين في حدائق طرابلس وأسواقها.
ولاذت العديد من الأسر والنساء بالفرار داخل القاعات والأسواق والمراكز الطبية، بحثا عما يقيهم الرصاص، بينما حمّل مراقبون مسؤولية ما وقع من أحداث “دامية” لعبد الحميد الدبيبة، رئيس الحكومة منتهية الولاية، بعد أن فشل فشلا ذريعا في السيطرة على قوة الميليشيات ونفوذها، بل عمل على شراء ولاءاتها بالمال الليبي الناتج عن العوائد النفطية، المصدر الأول للدخل في البلاد.
ونقل متطوّعو الهلال الأحمر الليبي في تصريحات، معاناةً وُصِفَت بالـ “كارثية” خلال محاولاتهم مدّ يد العون للمستنجدين العالقين تحت وقع النيران، مشيرين إلى الحالة المتردية للطرقات والشوارع، وعدم أهليتها لنقل المصابين، لا سيما وأنها تعجّ بالأسلحة الثقيلة والمتوسطة، مع عدم وجود طرق بديلة للوصول.
وقالت مدير المكتب الإعلامي بالأمانة العامة للهلال الأحمر الليبي، حنان السعيطي، في تصريحات للـ”العين الإخبارية”: إن الهلال الأحمر كان يتواصل مع المدنيين والنساء عبر الهواتف والإنترنت، لتقديم الإرشادات المُعينَةِ في حماية أرواحهم، لحين وصول فرق الإنقاذ، مؤكدةً بذلهم الكثير من الجهد لتهدئة روع الناس وتحذيرهم من الاقتراب من النوافذ والأبواب والسيارات، حتى يتمكّن المنقذون من الاتفاق على ممرّ آمن.
وأضافت “السعيطي”: “بعد ساعات طويلة من الاشتباك استطاع الهلال الأحمر أن يتوصل لاتفاق هدنة مع أطراف النزاع؛ حيث عملت الفرق خلال فترة وقف إطلاق النار (الهدنة) بآلياتها ومعداتها على الاستجابة للبلاغات التي وردت بالمئات من منطقة مشروع الموز بطرابلس تحديدا، والتي كانت أكثر المواقع تضررا.. واستطاعت الفرق إخراج أكثر من 122 عائلة عالقة داخل مشروع الموز خلال هدنة وقف إطلاق النار.. كان مشهدا مأساويا”
من جهتها وصفت المواطنة سلوى التاجوري ليلة الاشتباكات، بالليلة “السوداء”، بعد أن نقلت في حديث للـ “العين الإخبارية” مشهد صراخ الأطفا والنساء وبكائهم وسط الظلام، وقد كانت عالقةً برفقة أمها وأخواتها الثلاثة داخل إحدى قاعات الأفراح.
تقول سلوى: “كنا نحتفل داخل إحدى القاعات.. وفجأة بدأنا في سماع صوت القذائف والطلقات تقترب منا ولكن لم ندرك أننا في مرحلة خطرة إلا عندما سقطت قذيقة عشوائية على القسم الشرقي من القاعة.. حينها بدأت النساء بالصراخ والأطفال بالبكاء، وحاولت كل السيدات الخروج ولكن لم نستطع.. كانت ليلة سوداء”
وأكدت عجز الطوارئ والإسعاف وفرق الإنقاذ عن تقديم المساعدة، نظرا لعشوائية النيران وكثافتها، مضيفة أن هذه الحالة استمرت حتى الساعة 3:00 صباحا، بعد أن توقفت الاشتباكات ودخلت فرق الهلال الأحمر وعملت على إخراجهم.
وتابعت: “لن أنسى ذلك الرعب ولا تلك السعادة التي غمرتني عندما صعدت على متن إحدى الحافلات التابعة للهلال برفقة أمي وإخوتي”.
وكانت ميليشيا “أبو راس” قد اختطفت في وقت سابق “عصام هروس” أحد عناصر ميليشيا الردع، وردت “الردع” باختطاف العنصر “أكرم دغمان” المتهم بقضايا قتل وخطف وتعذيب، وهو أحد عناصر ميليشيا الحرس الرئاسي بقيادة أيوب أبو راس، الأمر الذي فجّر المشهد في العاصمة طرابلس، في ظل عجز “الدبيبة” عن إقناع أحد الطرفين بإيقاف إطلاق النار.