اقتصادليبيامميز

حبارات “يوضح” طرق إضاعة حكومتي الوفاق والدبيبة استعادة قوة الدينار

الوطن|رصد

كتب السياسي والاقتصادي نور الدين حبارات منشوراً مطولا عبر “فيسبوك” بعنوان “كيف أضاعت حكومتي الوفاق وومنتهية الولاية استعادة الدينار لقوته”.

وقال حبارات أنّ الدينار الليبي كما هو معروف تعرض لانتكاسات واهنزازات كبيرة بلغت مداها خلال نهاية العام 2016 م إلى أن هبط إلى 10 دينار للدولار نقداً و 14 دينار للدولار بصك وكان كل ذلك نتيجة طبيعية متوقعة لجملة من السياسات الحكومية والمصرفية الخاطئة والمتهورة.

واعتبر أنّ الحكومات المتعاقبة منذ 2012 م توسعت بالهدر في الإنفاق العام بشكل كبير وغير مبرر إلى أن فاقمت الدين العام واستنفذت الاحتياطيات المالية أو الأموال المجنبة وأهملت الإيرادات السيادية في الوقت الذي توقف فيه تصدير وإنتاج النفط بشكل شبه كامل خلال الفترة الممتدة من منتصف 2013 م حتى منتصف أواخر العام 2016 م.
واتهم الاقتصادي مصرف ليبيا المركزي بعدم إعادة النظر في السعر الرسمي للدولار أمام الدينار أنذاك (2012) الذي كان مثبت عند 1.30 دينار للدولار، وذلك عبر تخفيض قيمة الدينار عند 2.5 دينار للدولار وبما يتماشى مع زيادة الإنفاق العام ومع قرار اللجنة الشعبية رقم (27) لسنة 2011 م بشأن مضاعفة مرتبات العاملين بالجهات الممولة من الخزانة العامة، فسعر الصرف له ارتباط مباشر بمتوسط سقف مرتبات ودخول المواطنين ويؤثر كل منهما في الأخر.
وبحسب حبارات، فقد ارتفع الإنفاق العام الذي قارب من 60 و 70 مليار دينار خلال العامي 2012 م  و2013 م إلى جانب مضاعفة المرتبات، ما أدى إلى زيادة الطلب على النقد الأجنبي لكافة الأغراض من سلع وخدمات وسفر، ما أدى إلى إرتفاع قيمة المدفوعات الخارجية وتفاقم وتراكم العجز في ميزان المدفوعات وخسارة الاحتياطي الأجنبي إلى قرابة ‎%‎49 من رصيده الذي بلغه في مطلع 2012 م والذي قدر بأكثر من 120 مليار دولار، إلى جانب تعطل أدوات السياسة النقدية وذلك بعد صدور القانون رغم (1) لسنة 2013 م بشأن منع الفوائد الربوية و دون إقرار نظام بديل له.
ويرى الاقتصادي والسياسي أنّ كل تلك السياسات الخاطئة كانت لها آثار وتداعيات سلبية قاسية على أوضاع المواطنين حيث ساءت وتفاقمت معاناتهم جراء ارتفاع الأسعار وشح السيولة وتدهور سعر الدينار والخدمات.
ومع إستلام حكومة الوفاق لمهامها في مارس من العام 2016، وبالتنسيق مع المركزي وبرعاية دولية تم إقرار ما يسمى ببرنامج للاصلاح الإقتصادي Economic Reform Programme في سبتمبر من العام 2018، وذلك بهدف إزالة التشوهات والاختلالات في الميزانية العامة وميزان المدفوعات، وفي الإقتصاد ككل كان من أبرزها تحسين أو دعم قيمة الدينار الليبي، وفق قوله.
وتابع أنّ البرنامج جيد من حيث الشكل ويتكون من رزنامة من تدابير عدة أبرزها رفع القيود على أستخدامات النقد الأجنبي عبر فرض رسم أو ضريبة على مبيعاته للأغراض التجارية والشخصية بنسبة ‎%‎183 أي عند سعر 3.90 دينار للدولار وإصلاح فاتورة دعم الوقود وصرف مبلغ 500 دولار لكل مواطن بالسعر الرسمي 1.40 في إطار ما يعرف (بمخصصات أرباب الأسر)، إلى جانب تحسين آلية جباية الإيرادات من ضرائب وجمارك ورسوم خدمات.
كما أشترط هذا البرنامج تخصيص عائدات الرسم أو الضريبة على مبيعات النقد الأجنبي في إطفاء أقساط الدين العام المصرفي المتراكم على الحكومة لصالح المركزي وسداد الإلتزامات المالية الأخرى وتمويل البرامج التنموية.
وفي الوقت الذي تفاءل فيه الكثيرين وعقدوا آمال كبيرة على نجاح البرنامج واستعادة الدينار لقوته عند 2.75 إلى 3 دينار للدولار فإذا بتلك الأمال تتبخر وكان الفشل مصيره المحتوم.
فحكومة الوفاق تنصلت من كافة إلتزاماتها المقررة بالبرنامج حيث:
1- فاقمت الإنفاق العام بدلاً من ضبطه و تخفيضه و الذي تزايد خلال العام 2019 م و بما نسبته ‎%‎12 عن حجمه في 2018 م .
2- أهملت الإيرادات السيادية التي لم يطراء عليها أي زيادة عن حصيلتها بل إنخفضت حصيلتها بقيمة 289 مليون دينار و تمثل حصيلته ما نسبته ‎‎%‎05 فقط من إجمالي الإنفاق.
3- تزايد الدين العام و لم تقم الحكومة بإطفائه و ذلك بعد أن استخدمت عائدات الرسم أو الضريبة في تمويل العجز في الانفاق العام.
4- فاتورة الدعم لم يطراء عليها أي إصلاح و بقت على ما هي عليه و أعمال التهريب أستمرت دون أي ردع للمخالفين.
والبندين الذين تم تطبيقهما من البرنامج هما فرض الرسم و جباية عائداته و صرف مخصصات ارباب الأسر على دفعتين بقيمة تقارب من 7.000 مليار دولار.
وليتحول البرنامج بطريقة أو بأخرى إلى أشبه بمخطط لإستنزاف النقد الأجنبي وتصديره مجاناً للخارج، مع ملاحظة أإن الرئاسي خلال أغسطس من العام 2019 م قام بتخفيض نسبة الرسم أو الضريبة على مبيعات النقد الاجنبي إلى ‎%‎163 و بما يعادل 200 درهم و لم يكن ذلك لأعتبارات اقتصادية بل لإعتبارات سياسية.
ولم يكن العام 2020 م بأفضل حال ففضلاً عن إستمرار الحرب توقف انتاج و تصدير النفط مع مطلع هذا العام ( 2020 ) ليهبط الإنتاج إلى أدنى معدلاته و ما زاد الطين بلة وباء كورونا الذي ألقى بضلاله على الاسعار التي هوت إلى ما يقارب من 25 دولار قبل أن تعاود الصعود مجدداً.
ونتيجة لذلك إرتفع العجز في الترتيبات المالية ( الميزانية ) إلى ما يقارب من ‎%‎70 من إجمالي الإنفاق موله المركزي خصماً من عوائد الرسم الضريبة او الرسم على مبيعات النقد الأجنبي.
و على الجانب الأخر سجل ميزان المدفوعات أيضاً عجزاً قدره 8.000 مليار دولار و ذلك بعد أن هبطت الإيرادات النفطية إلى ما دون 2.500 مليار دينار أي ما يعادل 2.000 مليار دولار فقط أنذاك، وبذلك تفشل حكومة الوفاق فشلاً ذريعاً في إستعادة الدينار لقوته ولو جزئياً.
في نهاية العام 2020 أجرى المركزي تخفيض للسعر الرسمي للدينار عند 4.48، وذلك بهدف تخفيف الضغط على الإحتياطي الاجنبي بسبب الطلب المتنامي على النقد الأجنبي و توفير مصادر تمويل للحكومة، إلى جانب إطفاء الدين العام عبر إعادة تقييم أصوله وفق للسعر الرسمي الجديد و للتخفيف من أزمة السيولة.
وعلى الرغم من إن الفرصة و الظروف كانت مواتية أمام حكومة الوحدة الوطنية لإستعادة جزء من فوة الدينار، فالحرب توقفت و النفط بداء يضخ بشكل إعتبادي و بطاقته المعتادة تقريباً و الأسعار أستقرت في المتوسط عند 70 إلى 75 دولار للبرميل في المتوسط و التجميد رفع عن الايرادات النفطية فور نيلها الثقة بأغلبية الثلثين.
ولكن و مع كل ذلك فشلت هذه الحكومة كسابقتها في إستعادة قوة الدينار و لو جرئياً و ذلك بعد أن توسعت في الإنفاق العام بشكل كبير جداً ، حيث تقدمت بمشروع ميزانية تصل قيمته من 94 إلى 111 مليار دينار ليبلغ الإنفاق الفعلي مع نهاية العام ما قرابته 86 مليار دينار كان من الممكن جدا. تخفيضه إلى ما دون 65 مليار دينار و ذلك عبر شطب باب الطوارئ و تقلبيص ما نسبته ‎%‎80 من مخصصات باب التنمية و ‎%‎50 من باب التيسير لكن شيء من ذلك لم يحدث.
وميزان المدفوعات على الجانب الأخر سجل عجز حقيقي تم تغطيته من خلال مبيعات نفطية و أتاوات عن سنوات سابقة.
وليفقدوا اليوم المواطنين كل الأمل تقريباً في إستعادة الدينار لقوته وذلك بعد توقف إنتاج و تصدير النفط و تنامي الإنفاق العام و تأكل إحتياطيات النقد الأجنبي.
وختم حبارات منشوره بالسؤال عن ماهية الطرق والسبل لإنقاذ الدينار والإقتصاد في ظل أزمة سياسية معقدة تشهدها البلاد هي الأسواء منذ 2014 وفي ظروف هي الأصعب في تاريخها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى